كلير بيديرسن - محاربات بروح وردية | فورد العراق
كلير بيديرسن
54 مديرة تطوير المواهب، فورد الشرق الأوسط وأفريقيا
أصيبت جدتي ووالدتي كلتاهما بسرطان الثدي، لذا كنت أحرص على إجراء المعاينات الطبّية السنوية في موعدها. ولكن داهمتني مشاغل الحياة والعمل وتأخّرت على موعد معاينتي الطبية بضعة أشهر سنة 2016، وشعرت بعدها بوجود كتلة على ثديي الأيسر - أدركت على الفور وجود خطبٍ ما.
ذهبت لإجراء المعاينة الطبّية، وأكّدت صورة الثدي الشعاعيّة، وصورة الموجات فوق الصوتية والخزعة إصابتي بسرطان الثدي (سرطان القنوات الغازي أو المتسلّل)، لذا اقترح الفريق الطبي إجراء العلاج الكيميائيّ على الفور قبل إجراء الجراحة والعلاج بالأشعة نظراً لطبيعة المرض العدائية.
كانت سنة 2017 صعبة للغاية بالنسبة إليّ، خضعت تلك السنة للعلاج الكيميائيّ، وأجريت عملية استئصال للثديين، وعلاجاً بالأشعة. لكنّني أشعر بحالة رائعة الآن. تجاوزت المرحلة الأشدّ خطورة وأنا حالياً في سنتي الأولى من النقاهة، وقد مرّت عشرة أشهر. أشعر بحالة رائعة للغاية!
في شهر نوفمبر الماضي بعد أن أعلموني بشفائي، قمت بالاحتفال؛ اشتريت الفراولة المغطّاة بالشوكولاتة للمكتب وعدت إلى المنزل واحتفلت مع زوجي. كان شعوراً رائعاً لا يوصف. أشعر بأنّني حظيت بالمزيد من الوقت لأمضيه مع الأشخاص الذين أحبّهم، والمزيد من الوقت لتقدير كلّ ما عملنا من أجله.
أجد أنّني أصبحت هادفةً أكثر في ما أقوم به وبشأن التخطيط للأمور. لا تحدث الإجازات من تلقاء نفسها، يجب أن نخطّط لها، وكانت رحلتي الأخيرة التي امتدّت لـ 12 يوماً مع زوجي وثنائيّ آخر إلى إيطاليا - البندقية وساحل أمالفي - ضمن لائحة الأشياء التي كنت أودّ القيام بها. إنّها منطقة رائعة؛ وكانت النزهة على "مسار الآلهة" تجربة تخطف الأنفاس.
كانت الرحلة صعبة جداً بالنسبة إليّ حيث إنّني لم أتوقّع هذا المستوى من الصعوبة، ولست متأكّدة من أنّني سأفعل ذلك مجدداً. بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين على غرار زوجي الذي يحبّ التنزّه سيراً على الأقدام وتسلّق العديد من الجبال، بما في ذلك معسكر قاعدة جبل إيفرست، لم يشكّل له الأمر تحدّياً. بالرغم من أنّه كان تحدّياً هائلاً بالنسبة لي، انتابني شعور رائع بأنني شطبت شيئاً ما عن لائحة الأشياء التي أودّ القيام بها، وأنا أنتظر المغامرة التالية بفارغ الصبر.
كانت النزهات جميلة حيث مررنا عبر بساتين الحامض والزيتون ونبات السحلبيّة. وترافق ذلك مع الطعام المذهل، الطعام العضويّ والذي يأتي مباشرةً من المزارعين في المنطقة. البلدات الصغيرة قديمة وتسحر الألباب. الزراعة في إيطاليا تتمحور حول العائلة، حيث يعمل الجميع في مزرعة العائلة. الأطفال الصغار يقدّمون المشروبات الباردة للضيوف لدى وصولهم، والجدة الذي تبلغ من العمر 89 سنة تحلب البقرة. يتمحور الأمر حول العائلة والمودّة، والأطعمة العضويّة الطبيعيّة.
أظنّ أنّه علينا مراجعة الأطعمة التي نتناولها. أصبح الطعام شديد الأهمية بالنسبة إليّ؛ الفيتامينات والأطعمة العضويّة الطبيعيّة. لست نباتيّة تماماً ولكنّني توقّفت عن تناول اللحوم، والألبان والأجبان.
الإصابة بالسرطان تغيّر نظرة الإنسان للحياة. شخصياً، لم أعد آخذ الأمور على محمل الجد أكثر من اللازم حالياً، هذا يشتمل على الإجهاد ضمن مسيرتي المهنيّة، أو الجدال مع الأولاد أو مع زوجي. فهو مجرّد جدال، أم أنّه مجرّد شيء حصل في العمل، ليس الأمر شديد الأهمّية. كنت أضخّم الأمور في السابق وأجعل من الحَبّة قبّة، بينما أصبحت الآن أتغاضى عن الأمور، وأصبحت أفكّر أنّه ما هو مقدّر له سيحصل.
كما أعتبر أيضاً أنّني أصبحت أكثر ليونةً بعض الشيء. أصبحت أكثر تساهلاً، وأكثر تسامحاً. لكن من جهة أخرى، عندما أشعر بأنّ الأمور لا تسير كما يجب، أصبحت أعبّر عن رأيي بكلّ صراحة ووضوح، بينما كنت ألتزم الصمت في السابق. أصبحت أشعر الآن بأنّه ما الضرر في التعبير عن رأيي.
نصيحتي للنساء بسيطة. يجب على السيدات الخضوع للمعاينة الطبّية كلّ سنة حتى لو شعرنَ بأنّ ذلك ليس ضرورياً. أظهرت الإحصاءات الآن أنّ السرطان لا يميّز بين امرأة وأخرى - العمر ليس عاملاً مهمّاً - أصبحت النساء اليافعات معرّضات للخطر أيضاً. إن تمّ الكشف المبكر للسرطان قبل بلوغه المرحلة الثانية أو الثالثة، فسيكون التعامل معه أسهل بكثير. وتذكّري القيام بالمعاينة الذاتيّة. أنت تعرفين جسمك، ويمكنك ملاحظة التغييرات في جسمك قبل أيّ شخص آخر.
ما زلت أواجه حلو الحياة ومرّها، لكنّني متيقّظة لأفكاري وأعيش كلّ يوم بيومه.
